حين تقرع باب الحوار المعرفي لتشارك أحدهم ما لديك من معلومات علمية أو آراء مهنية، تجد من إعراضه وصَدِّه ما يُلجِم لسانك، شاهراً سيف الجدال مبارزاً بعتاد السجال، لأنك غزوت خندقه الفكري المزدحم بمفاهيم تقادمت وقناعات لا تقبل التطوير ولا تتقبل وجود النظير، مُتَمَتْرساً في مربعه الضيق ولسان حاله يقول: من تكون أنت لتناظر علومي الأصيلة ومعارفي الرصينة؟...
ليست المؤسسات - على تنوع مجالاتها وحجمها - ببعيدة عن الأسقام والأمراض والفيروسات وتجاعيد الزمان وتحديات الدهر، ولهذا، فإن حاجتها دائمة ومتجددة للتشخيص والوقاية والعلاج وإجراء الفحوص الدورية والتأكد من اللياقة المستمرة، وليس الاسترخاء والانكفاء والاكتفاء بنجاحات عارضة دون رؤية مستقبلية...
يَحارُ المرءُ في فَهمِ الكمِّ المتزايدِ من النزاعاتِ الوظيفيّةِ بين الأفرادِ في أروقةِ مؤسّسات العملِ المختلفةِ التي تتشابكُ الأدوارُ وتتعاركُ فيها المصالحُ لدرجةٍ قد تصلُ أحيانا إلى حد التناحرِ الإداريِ والتنازعِ التنظيمي والصراعِ الهيكلي في هذه المؤسسات.
تمثّلُ المعرفةُ التي تختزنها الأدمغةُ البشريّةُ القوّةَ الحقيقيّةَ وعامل النهضة المسيطر في عصرِ السرعة، وقد ظهرت عدة مصطلحاتٍ تعكسُ من خلالِ تعريفاتها وأبعادها ومنهجياتها التطوّرَ المعرفي والنقلة النوعيّة التي طرأت على الفكرِ والمعرفةِ الإنسانيّة، التي أصبحت ملكاً للجميع بعد الطفرةِ التكنولوجيّةِ والمعلوماتيّةِ في قنوات انتشار المعرفة في وقتنا الحاضر: ومن بين تلك المصطلحات: (إدارة المعرفة) و (الإدارة بالمعرفة) و (الاقتصاد المعرفي) أو (اقتصاد المعرفة)...
في رحلة البحث عن ثوابت التميّز، ومُمَكّنات الاستدامة الحياتية، وخير الدارين؛ تجد ذاتك في حضرة بستان فوّاح بأزكى الورود، بستان يسرّ الناظرين، إنه بستان «الإحسان»، ما حضر الإحسان في حياة إنسان إلا زاده رفعة ورقيًّا وتميزًا وما غاب الإحسان عن مؤسسة، أو هيئة أو منشأة؛ إلا غاب عنها الكثير. الإحسان عطاء الشاكرين، واستثمار الموقنين، وتواصل الطامحين للدنيا والآخرة.
في هذا البحث أتشرف بالإبحار معكم عبر صفحات وضّاءة، نرى من خلالها (الإحسان) كأحد مُمَكّنات التميّز وكيف يمكن أن نرتقي فكرًا وعملاً وإبداعًا ونتائجًا واستدامة، إن حضر (الإحسان) معنا في أدبيات حياتنا وأضحى جزءًا من يقين قلوبنا وانشغال عقولنا...
إنّ رأس المال البشري يعتبر أهم الثروات الطبيعية، فكثير من الدول تفوقت حضاريًّا بسبب نجاحها في استثمار مواردها البشرية بينما فشلت الثروات الطبيعية في كثير من الأحيان في تحويل البشر إلى كفاءات منتجة. فتجد المؤسسات نفسها أمام عولمة الاقتصاد وعالمية المنافسة وكذا الاقتصاد الجديد المبني على المعرفة والإبداع الذي يرتكز على طرق تسيير حديثة وأدوات متعلقة بالتكنولوجيات الجديدة للإعلام، كلها عوامل جعلت الاستثمار في الموارد اللاماديّة وخصوصًا الموارد البشرية من أهم المؤشرات الموجّهة لتنافسية المؤسسات...
الراصد بدقة وعمق لمفردات التواصل اليومي بين شركاء الحياة، سيدرك أن هناك تحدٍّ لا تخطئه عين في إدارة التوقعات مع الطرف الآخر، ولهذا نجد من يتحسّر بصمت، ولسان حاله: "لم أكن أتوقع هذا من فلان"، أو ينظر بعين الرضا، قائلاً: "هذه الخدمة من تلك المؤسسة فاقت توقعاتي"، أو غيرها من التوقعات المستندة إلى المفاهيم الخاصة بنا، دون الأخذ بمفاهيم وتوقعات الآخر...